ساعة الصفر في هذا العالم الصغير

آه... كل شيء يسير بسرعة قاتلة مع جرعة من الأمل بالتسارع المتباطئ وكان الكون يدنو من ساعة الصفر

تلك الساعة التي تجعل الكون يخرج عن سيطرة الزمن بهذه الصورة يكون عالمنا وهذه اللحظة هي التي أوشك الجميع على الوقوع بها أو وقع بها ودخل متاهاتها وعصفت ريحها الهوجاء بهم لحظة يبتر بها حب ذاتي قد سبق ووصفتاه بحب ابدي

منذ الأزل و أنا ابحث عن شيء ما بداخلي وفجأة شعرت أن قلبي لم تكتمل نبضاته وان عقلي لم تكتمل مساحاته وان صوتي لم تكتمل طبقاته  أما روحي فلا زالت عالقة تختنق أسيرة داخل كينونتي الناقصة مستترة في عالمي الانفرادي المظلم

مرت أيام وأيام رفضت بها الاستسلام بحثت عما ينقصني ولملمت أجزائي المبعثرة في المكان فوجدت نفسي لأول مرة في عالم صغير كم أحببت أن يكون أوسع مما تصورت أن يكون أدفء مما تخيلت لكن رغم كل هذه فهو لا يزال يتسع للجميع ويتسع رغما عني لي و فجأة يهز كياني  ضجيج الواقع الصارخ فأستيقظ من حلمي بذلك العالم لأرى نفسي وحيداً  تارة وشريد الحال تارة أخرى متقطع الأوصال في عالم مزدحم بأشواك الأنس وحرباءات الزمان ومتاهات المكان وصراع الماضي والحنان وحينها أيقنت إنني تائه بين وحوش بشرية تريد أن تنقض على جسدي وتنهش ما تيسر لها منه

فأركض هلعاً واصطدم لأرى نفسي في مرآةٍ كسرتها من شدةِ خوفي يستتر خلفها فتاةٌ أوهمتُ نفسي بحبها لأخرج من دوامة الواقع . فتوقف الضجيج الذي آلم أحشائي و مددت يدي المرتجفة إليها فاختفى طيفها و اختفت معه جدران المتاهات وحدود المسافات و بقيت وحدي مع تلك الوحوش الهوجاء الضارية في ساحة المعركة .
حاولت الهرب و لكنني لم أعد أقوى على الحراك من شدةِ التعب والذعر و شعرت باقتراب نهايتي و بدأت دموعي التائهة بين عالم الحلم والواقع تنهمر طالبة ً النجدة , لا الرأفة , طالبةً الحريّة , لا الأسر , ومع سقوطِ آخر قطعةِ ملحٍ نديةٍ متألمة من وجهي , سمعت صوتاً يستل الأبعاد السبعة من خلفي , يباغتني مسرعاً لاختطافي من جحيم المكان وعندما أيقنت ذلك! استدرت إلى الخلف ناظراً لأجد وميضاً انبثق منه ألا شيء الذي طالما أرادني أن أكون فيه ووجدت نفسي من جديد في عالمي الصغير الذي لم أحببه يوما

وعندها شعرت أن الطول والعرض والارتفاع والزمان والمكان وما فوق الطبيعة قد تلاشوا جميعا وبقي البعد السابع خالدا خارج المكان والزمان وشعرت بعدها بان الوميض قد انقطع كما انقطاع التيار الكهربائي في منزلنا ليلا لا بل اشد من ذلك بكثير

فشعرت مجددا بالوحدة والأسى في دجى الليل الحالك أسيرا لقلبي الذي غرق في بحر ضيائه وبدأ قلبي ينبض بشدة منذرا الموت بآخر صرخات احتضاره وبعد أن نضبت دموعي وبدأت ساعتي تتسارع مقتربة من الصفر ومع شعوري للمرة الألف باقتراب منيتي مددت إحدى يداي مستنجدا لكن دون جدوى ونظرت إلى ساعتي التي أوشك عقرباها أن ينطبقا ليدق أجراس ساعة الصفر ويتلاشى معها آخر رمق من حياتي وتباطأ الوقت حينها بشكل فجائي واخذ معه بقايا روحي المتناثرة في أرجاء الغرفة

وبعد.... من يدري قد تنقلب ضيائاتنا إلى ظلمات وبياضنا إلى سواد وقد تقلب أفراحنا أتراح أو ربما العكس

لكن المهم أن تبقى قلوبنا مؤمنة ألا تستسلم أبدا لان حبها سيتجدد مع الزمن في هذا العالم الصفير الذي أجبرنا أن نكون فيه ونعيش بداخله ليكبر معنا

لكن أنا لا استطيع أن أوهم قلبي انه يحب ويكره
خريف 2007
مهداة الى كل معذبي الارض وخاصة المتضررين من انهيار الغتحاد السوفييتي السابق